فصل: بَاب حسن الْخلق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأحكام الشرعية الكبرى



.بَاب الْعَفو وَالْإِحْسَان وَالصَّبْر والتجاوز:

مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل- وَهُوَ ابْن جَعْفَر- عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا نقصت صَدَقَة من مَال، وَلَا زَاد الله عبدا بِعَفْو إِلَّا عزا، وَمَا تواضع أحد لله إِلَّا رَفعه الله عز وَجل».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنبأَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت أَبَا عبد الله الجدلي يَقُول: «سَأَلت عَائِشَة عَن خلق رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَت: لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشاً وَلَا سخاباً فِي الْأَسْوَاق، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة، وَلَكِن يعْفُو ويصفح».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، أَبُو عبد الله الجدلي اسْمه عبد بْن عبد، وَيُقَال: عبد الرَّحْمَن بن عبد.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن الْوَلِيد بن عبد الله بن جَمِيع، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكُونُوا إمعة تَقولُونَ: إِن أحسن النَّاس أحسنا، وَإِن ظلمُوا ظلمنَا، وَلَكِن وطنوا أَنفسكُم إِن أحسن النَّاس أَن تحسنوا، وَإِن أساءوا فَلَا تظلموا».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْأنْصَارِيّ، ثَنَا معن، ثَنَا مَالك بن أنس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء بن يزِيد، عَن أبي سعيد «أن نَاسا من الْأَنْصَار سَأَلُوا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ قَالَ: مَا يكون عِنْدِي من خير فَلَنْ أدخره عَنْكُم، وَمن يسْتَغْن يغنه الله، وَمن يستعفف يعفه الله، وَمن يصبر يصبره الله، وَمَا أعطي أحد شَيْئا هُوَ خير وأوسع من الصَّبْر».
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن أنس، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عبد الله- يَعْنِي: ابْن الزبير- فِي قَوْله: {خُذ الْعَفو} قَالَ: «أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يَأْخُذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس».
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة وَأَبُو أُسَامَة، عَن الْأَعْمَش، عَن سعيد بن جُبَير، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أحد أَصْبِر على أَذَى سَمعه من الله عز وَجل إِنَّه يُشْرك بِهِ، وَيجْعَل لَهُ الْوَلَد، ثمَّ يعافيهم ويرزقهم».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا عبَادَة بن مُسلم، ثَنَا يُونُس بن خباب، عَن سعيد الطَّائِي أبي البخْترِي أَنه قَالَ: حَدثنِي أَبُو كَبْشَة الْأَنمَارِي، أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «ثَلَاثَة أقسم عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه، قَالَ: مَا نقص مَال عبد من صَدَقَة، وَلَا ظلم عبد مظْلمَة صَبر عَلَيْهَا إِلَّا زَاده الله عزا، وَلَا فتح عبد بَاب مَسْأَلَة إِلَّا فتح الله عَلَيْهِ بَاب فقر- أَو كلمة نَحْوهَا- وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مَالا وعلماً، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهَا ربه، ويصل فِيهِ رَحمَه، وَيعلم لله فِيهِ حَقًا، فَهَذَا بِأَفْضَل الْمنَازل، وَعبد رزقه الله علما وَلم يرزقه مَالا، فَهُوَ صَادِق النِّيَّة، يَقُول: لَو أَن لي مَالا، لعملت بِعَمَل فلَان فَهُوَ نِيَّته، فأجرهما سَوَاء، وَعبد رزقه الله مَالا وَلم يرزقه علما، يخبط فِي مَاله بِغَيْر علم، لَا يَتَّقِي فِيهِ ربه، وَلَا يصل فِيهِ رَحمَه، وَلَا يعلم لله فِيهِ حَقًا، فَهَذَا بأخبث الْمنَازل، وَعبد لم يرزقه الله مَالا وَلَا علما، فَهُوَ يَقُول: لَو أَن لي مَالا، لعملت فِيهِ بِعَمَل فلَان، فوزرهما سَوَاء».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
سَيَأْتِي هَذَا الحَدِيث من طَرِيق ابْن أبي شيبَة فِي بَاب ضرب الْأَمْثَال، وَهُنَاكَ يَأْتِي ذكر يُونُس بن خباب- إِن شَاءَ الله- وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ زِيَادَة.

.بَاب حسن الْعَهْد:

البُخَارِيّ: حَدثنِي عبيد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة- رَضِي الله عَنْهَا-: «مَا غرت على امْرَأَة، مَا غرت على خَدِيجَة، وَلَقَد هَلَكت قبل أَن يَتَزَوَّجنِي بِثَلَاث سِنِين، لما كنت أسمعهُ يذكرهَا، وَلَقَد أمره ربه أَن يبشرها بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب، وَإِن كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليذبح الشَّاة، ثمَّ يهدي فِي خلتها مِنْهَا».

.بَاب حسن الْخلق:

الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا».
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد، ثَنَا عبد الله بن وهب، حَدثنِي مُعَاوِيَة. يَعْنِي: ابْن صَالح- عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن نواس بن سمْعَان قَالَ: «أَقمت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ سنة، مَا يَمْنعنِي من الْهِجْرَة إِلَّا الْمَسْأَلَة، كَانَ أَحَدنَا إِذا هَاجر لم يسْأَل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن شَيْء، قَالَ: فَسَأَلته عَن الْبر وَالْإِثْم، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبر حسن الْخلق، وَالْإِثْم مَا حاك فِي نَفسك وكرهت أَن يطلع عَلَيْهِ النَّاس».
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، سَمِعت أَبَا وَائِل قَالَ: سَمِعت مسروقاً قَالَ: «دَخَلنَا على عبد الله بن عَمْرو حِين قدم مُعَاوِيَة إِلَى الْكُوفَة، فَذكر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشاً. وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن من أخيركم أحسنكم أَخْلَاقًا».
وللبخاري: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: «إِن من أحبكم إِلَيّ أحسنكم أَخْلَاقًا».
رَوَاهُ عَن حَفْص بن عمر، عَن شُعْبَة بِالْإِسْنَادِ الأول.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، سَمِعت أَبَا وَائِل، يحدث عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خياركم أحاسنكم أَخْلَاقًا. وَلم يكن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشا وَلَا متفحشاً».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا قبيصَة بن اللَّيْث الْكُوفِي، عَن مطرف، عَن عَطاء، عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «مَا من شَيْء يوضع فِي الْمِيزَان أثقل من حسن الْخلق، وَإِن صَاحب حسن الْخلق ليبلغ بِهِ دَرَجَة صَاحب الصَّوْم وَالصَّلَاة».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا زَكَرِيَّا بن يحيى الطَّائِي، ثَنَا شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا، وَإِن حسن الْخلق ليبلغ دَرَجَة الصَّوْم وَالصَّلَاة».
تفرد بِهِ زَكَرِيَّا، عَن شُعَيْب، عَن أنس.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك المخرمي، ثَنَا الْأسود بن سَالم، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُم لن تسعوا النَّاس بأموالكم، وَلَكِن يسعهم مِنْكُم بسط الْوَجْه وَحسن الْخلق».
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ابْن إِدْرِيس، عَن أَبِيه، عَن جده إِلَّا الْأسود بْن سَالم، وَكَانَ ثِقَة بغدادياً.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، حَدثنِي أبي عَن جدي، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: «سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس الْجنَّة. قَالَ: تقوى الله، وَحسن الْخلق. وَسُئِلَ عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار، قَالَ: الْفَم والفرج».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن مَيْمُون بن أبي شبيب، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ الله حَيْثُمَا كنت، وأتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها، وخالق النَّاس بِخلق حسن».
وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا شُعْبَة والمسعودي، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ: «سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا خير مَا أعطي النَّاس؟ قَالَ: خلق حسن».
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان الدِّمَشْقِي، ثَنَا أَبُو كَعْب أَيُّوب بن مُحَمَّد السَّعْدِيّ، حَدثنِي سُلَيْمَان بن حبيب الْمحَاربي، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنا زعيم بِبَيْت فِي ربض الْجنَّة، لمن ترك المراء وَإِن كَانَ محقاً، وببيت فِي وسط الْجنَّة لمن ترك الْكَذِب وَإِن كَانَ مازحاً، وببيت فِي أَعلَى الْجنَّة لمن حسن خلقه».
أَيُّوب بن مُحَمَّد لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا مُحَمَّد بن عُثْمَان الدِّمَشْقِي، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: أَيُّوب بن مُوسَى.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: «خدمت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشر سِنِين قَالَ: فَمَا قَالَ لي أُفٍّ قطّ، وَمَا قَالَ لشَيْء صَنعته لم صَنعته؟ وَلَا لشَيْء تركته لم تركته؟ وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحسن النَّاس خلقا، وَلَا مسست خَزًّا وَلَا حَرِيرًا قطّ وَلَا شَيْئا أَلين من كف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شممت مسكاً وَلَا عطراً كَانَ أطيب من عرق رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة والبراء، هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

.بَاب بسط الْوَجْه:

النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا أَبُو هِشَام، ثَنَا سَلام بن مِسْكين، ثَنَا عقيل بن طَلْحَة السّلمِيّ، عَن أبي جري الهُجَيْمِي أَنه قَالَ: «يَا رَسُول الله، إِنَّا قوم من أهل الْبَادِيَة فَنحب أَن تعلمنا عملا لَعَلَّ الله أَن ينفعنا بِهِ. قَالَ: لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا وَلَو أَن تفرغ من دلوك فِي إِنَاء المستقي، وَلَو أَن تكلم أَخَاك ووجهك إِلَيْهِ منبسط، وَإِيَّاك وتسبيل الْإِزَار فَإِنَّهَا من الْخُيَلَاء، وَالْخُيَلَاء لَا يُحِبهَا الله، وَإِذا سبك رجل بِمَا يُعلمهُ فِيك، فَلَا تسبه بِمَا تعلمه فِيهِ، فَإِنَّهُ يكون أجر ذَلِك لَك ووباله عَلَيْهِ».
عقيل ثِقَة مَشْهُور، وَسَلام ثِقَة صَالح.

.بَاب حسن الْعشْرَة وَمن لم يواجه النَّاس بالعتاب:

البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا مُسلم، عَن مَسْرُوق، قَالَت عَائِشَة- رَضِي الله عَنْهَا-: «صنع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئا فَرخص فِيهِ، فتنزه عَنهُ قوم، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطب فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ: مَا بَال أَقوام يتنزهون عَن الشَّيْء أصنعه، فوَاللَّه إِنِّي لأعلمهم بِاللَّه، وأشدهم لَهُ خشيَة».
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: «أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَاس من الْيَهُود فَقَالُوا: السام عَلَيْكُم يَا أَبَا الْقَاسِم، قَالَ: وَعَلَيْكُم. قَالَت عَائِشَة: قلت: بل عَلَيْكُم السام والذام، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَة، لَا تَكُونِي فَاحِشَة. فَقَالَت: مَا سَمِعت مَا قَالُوا؟ فَقَالَ:
أَو لَيْسَ قد رددت عَلَيْهِم الَّذِي قَالُوا، قلت: وَعَلَيْكُم»
.
وحدثناه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا يعلى بن عبيد، ثَنَا الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد غير أَنه قَالَ: «ففطنت بهم عَائِشَة، فسبتهم، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَه يَا عَائِشَة، فَإِن الله لَا يحب الْفُحْش والتفحش» وَزَاد: «وَأنزل الله عز وجل: {وَإِذا جاءوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} إِلَى آخر الْآيَة».
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن الْمُنْكَدر، سمع عُرْوَة بن الزبير يَقُول: حَدَّثتنِي عَائِشَة «أن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ائذنوا لَهُ، فلبئس ابْن الْعَشِيرَة- أَو بئس رجل الْعَشِيرَة- فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ ألان لَهُ القَوْل، قَالَت عَائِشَة: فَقلت: يَا رَسُول الله، قلت لَهُ الَّذِي قلت ثمَّ ألنت لَهُ القَوْل! قَالَ: يَا عَائِشَة، إِن شَرّ النَّاس منزلَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة من ودعه- أَو تَركه- النَّاس اتقاء فحشه».
وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ابْن الْمُنْكَدر فِي هَذَا الْإِسْنَاد مثل مَعْنَاهُ غير أَنه قَالَ: «بئس أَخُو الْقَوْم وَابْن الْعَشِيرَة هَذَا».
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة فِي هَذِه الْقِصَّة، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَة، إِن الله لَا يحب الْفَاحِش الْمُتَفَحِّش».
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا أَبُو قطن، أَنا مبارك- هُوَ ابْن فضَالة- عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: «مَا رَأَيْت رجلا الْتَقم أذن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فينحي رَأسه حَتَّى يكون الرجل هُوَ الَّذِي ينحي رَأسه، وَمَا رَأَيْت رجلا أَخذ بِيَدِهِ فَترك يَده حَتَّى يكون الرجل هُوَ الَّذِي يدع يَده».
أَبُو قطن اسْمه عَمْرو بن الْهَيْثَم.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله الْقَسْمَلِي، حَدثنَا يُونُس بن عبيد الله العميري، ثَنَا مبارك بن فضَالة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِن الله يحب مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَيكرهُ سفسافها».
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر إِلَّا الْمُبَارك بن فضَالة، يُونُس بن عبيد الله لَا بَأْس بِهِ، روى عَنهُ مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن حسان وعدة غَيرهمَا.